.. قليل من الاقتراحات والعمل

———————————————————————————————

ردا على مقال الصحفي علاوة حاجي: كثير من المدونات..قليل من المدونين الجزائريين الصادر في جريدة الخبر الأسبوعي العدد 500 من 27 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2008 في صفحة ثقافة.

———————————————————————————————-

والوعيد, ودليلي في ذلك ما كان يأمر به الله تعالى نبيه موسى وأخاه هارون في مخاطبة أعتى دكتاتور في العالم ” فقولا له قولا لينا لعله يذكر أو يخشى” وربما كانت هذه الآية أفضل شعار لأصحاب الرأي خاصة في عالم المدونات وربما كفتهم شرور السياط والأسر, ومنحتهم شرف التغيير بالكلمة الطيبة. كفى بالمدون بنفسه رقيبا يضع ما يكتب على ميزان الحق والأخلاق وحتما سيصل إلى مبتغاه في هدوء, وحتى إن لم تكن هناك نتيجة فلن يجني العنف ثمارا في المقابل الآخر. أيضا على المدون إن انتهج نهج النقد أن ينتقد البرامج والأداء ومضامين الأشياء دون أن يتوجه إلى الأشخاص بالإساءة أو أن يتدخل في الحياة الشخصية للناس, أو أن يتفنن في ذكر العيوب, فربما كما قال أحد المنظرين الغربيين في عالم التدوين قد تكتب أشياء سيئة عن شخص ما وقد يكون مديرك في يوم من الأيام فكيف سيكون موقفك؟ أو نزيد ونقول ربما لو جالسه وناقشه يوما ما لأكتشفه إنسانا آخر. ويبقى المدون أفضل رقيب لنفسه ونقول له راقب نفسك قبل أن تراقب.

ثم هل المضايقة مقياس لنوعية التدوين ومستوى وجرأة ورجولة المدون؟ هل السجن هو مقياس لذلك أيضا؟

عدم دخول أي مدون جزائري إلى السجن هل هو راجع حقا إلى ارتفاع سقف الحريات في بلادنا؟ أم هو راجع إلى حكمة المدون الجزائري المتمحن بعشرية سوداء من الدم؟ نفس نسق السؤال يطرح على عدة مستويات فان كنا نريد أن نضفي على حزب من أحزابنا صبغة حزب المعارضة فهو الحزب الذي يتعرض إلى مضايقات من قبل السلطة, وكذلك الأمر بالنسبة للنقابات والشخصيات, وهذا مقياس خاطئ في قياس الأمور لقد أراد الفيس المحل أن يفعلها باستفزاز الجميع وترجل على الجميع وتعرض إلى ما هو ابلغ من المضايقات التي كان يحب أن يراها مناصروه, وحدث الذي حدث ولم يربح أحد من لعبة الترجل والمضايقات وخسرت الجزائر عشرية من التنمية وآلافا من الأبناء والرجال والنساء والعلماء. أعتقد شخصيا أن الظروف جعلت من المدون الجزائري إنسانا حكيما وأزاح عن مراقبيه عناء محاولات التضييق. ولمن لم يقتنع فما عليه إلا زيارة المدونات الجزائرية. وحتى أكون عادلا فان أولي الأمر في بلادنا اكتسبوا حكمة كبيرة أيضا من العشرية السوداء ونحن ممتنون لهم كمدونين في ما بلغه الإعلام من مستوى في بلادنا ولو أننا نطلب المزيد, وكلنا أمل في فتح مجال السمعي البصري على أن يؤدي هذا الانفتاح إلى إثراء الساحة الإعلامية والثقافية في الجزائر. وغريب أن يقول صديقنا علاوة حاجي بأن المدونين الجزائريين لم يفعلوا شيئا حتى يتعرضوا إلى مضايقات, وهل ندون حتى نتعرض الى مضايقات؟؟ ولما لم تدون في مدونتك ما يعرضك الى التضييق؟ أعتقد أن المدونين الجزائريين أكثريتهم يدونون بحكمة, ولو أن سبل الحصول على تضييق واحد سهل فما عليك إلا أن تكتب شيئا لا أخلاقيا, أو تقلل من احترامك لأي شخص كان أو أن تشيد بأي عمل إرهابي وستحصل على تضييق سريع في الحال وما الحصول على التضييق بغاية من غايات التدوين النبيلة. ما نريده أن يكون المدون الجزائري صاحب مشروع من خلال مدونته وقوة نقد علمية وصاحب مشروع اقتراح ينال به احترام الجميع وتقديرهم له ولأفكاره وما يجني اللاهثون وراء التضييق غير الأخبار السيئة والاستدعاءات الغير السارة.

صحيح أن التدوين في ثلاث سنوات خطى خطوات جبارة في كثير من البلدان في العالم, لكن لا أعتقد أنها أصبحت منافسا قويا للإعلام التقليدي والرسمي فشتان بين مدونة شخصية وصحيفة عالمية وبينها وبين إذاعة أو فضائية فالموضوع غير قابل للمقارنة أصلا. لقد أدى الظهور السريع للمدونات والصراع القائم بين بعض الأنظمة وبعض المدونين إلى إضفاء وصف فيه كثير من الهواء للمدونات, فالمدونة في تعريفها البسيط هي صحيفة شخصية يكتبها مواطن يعبر فيها عن رومانسيته أو شاعريته أو يدون فيها عن اختصاصه أو يكتب فيها يومياته أو ذكرياته, أو ثائرا غاضبا يمنشر فيها عن نظام يدير مجتمعه, فكيف لكراسة شخصية الكترونية أن تنافس مشروعا إعلاميا جماعيا كجريدة أو مجله أو إذاعة أو فضائية, ولكل قدر و قيمة ولا يمكن للمدونات يوما أن تقوم مقام أحد الأنواع المذكورة إلا إذا اجتمعت وأسست لنفسها مؤسسات تنافس باقي الأبواق الإعلامية. وكيف يمكن بجرة قلم أن نحكم بالفشل على تجربة التدوين الجزائرية دون أن يكون لذلك مبررا بدراسة دقيقة واطلاع عميق على عالم التدوين الجزائري الذي يعد بمستقبل زاهر إن شاء الله. وربما يدفعني ذلك إلى الحديث عن بعض الأسباب التي لم تجعل…يتبع